خيركم خيركم لأهله
بهذه العبارة بدأ الاكاديمي الدكتور محمد بن راضي الشريف مشاعره الوطنية قائلاً :
الوطن هو الأهل في مفهومه الواسع، عند من يمتلكون قلوبا رحبة تتسع لكل الحب والخير.
والإنسان بطبعه جبلّة واحدة لا تتجزّأ، فمن يكون خيّرا مع أهله سيكون خيّرا مع أقاربه ،مع جيرانه، خيراً مع ولاة أمره .
كما أن العقوق لا يتجزّأ، فالعاق لوطنه الناعق مع أعدائه، ستجده لا محالة عاقا لوالديه ولمعلمه ولكل من أسبغ عليه خيرا، أو طوّق عنقه بمعروف،
ولنا في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم خير نبراس ودليل وموجّه، فأهل الخير في الجاهلية أهل خير في الإسلام إذا فقهوا، إذ تتهذب هذه الخيرية الأصيلة ويتأتّى من لدنها أضعاف ما كان يبذله صاحبها في جاهليته، حيث التخلص من الغطرسة والكبر والحمية الجاهلية والعنصرية البغيضة. تلك العنصرية التي لا تأتي بخير، ولا يعقبها إلا الفرقة والتباغض والشحناء، فهي لا تلبث أن تقتل أبناءها وتنبذهم حتى لا يتبقى في دائرتها سوى مدجنها وعرّابها وحامل لوائها.
فالعنصرية عدو المجتمعات، تبدأ بدائرة كبيرة، يتحمس لها كثيرون ظنا منهم أنها ستحقق لهم كثيرا من المكاسب، وترفع من شأنهم وعزتهم، لكنه ممتطيها يفاجأ أن هذه الدائرة المناطقية أو الطائفية أو القبلية تضيق وتستمر في طرد المنتمين لها تبعا لتضييق دائرتها، وهي أشبه بلعبة الكراسي التي تنتهي باثنين يتنازعان كرسيا واحدا لا يلبث أحدهما أن يمتطيه وحده طاردا صاحبه الوحيد.
فلنجعل الوطن أهلنا ، الوطن منطقتنا، الوطن عزتنا الدينية والقبلية، فنعم القبيلة هذا الوطن المعطاء الذي يزخر بمدخراته الاقتصادية والبشرية والتاريخية والروحية.
كتبه
د. محمد بن راضي الشريف